اعتبر المدبر البطريركي على ابرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض في عظته خلال اللقاء المسكوني الذي اقيم للصلاة من اجل وحدة الكنائس بعنوان "اعطيني لأشرب"، تلبية لدعوة من مجلس اساقفة زحلة والبقاع في كنيسة مقام سيدة زحلة والبقاع ان السيد اسس المسيح كنيسة واحدة، هي جسده السري. وأفاض عليها من لدن الآب السماوي بعد صعوده اليه، الروح القدس الذي هو مبدأ الوحدة فيها. فالروح هو الذي يجمع المؤمنين في شركة مع الله، وشركة مع بعضهم البعض. تظهر هذه الشركة عبر اعلان الايمان الواحد والمشاركة في الأسرار ولا سيما الافخارستيا، والتراتبية الرسولية الواحدة، وعبر عيش المحبة الأخوية بما فيها من تضامن. ولكن للأسف، وبسبب خطيئة الانسان وكبريائه، ونقص الأمانة للسيد المسيح الذي صلى عشية آلامه لنكون واحدا، تعرضت الكنيسة الى انقسامات في القرن الخامس، والقرن الحادي عشر، والقرن السادس عشر، دامت الى يومنا هذا. أمام هذه الانقسامات وبفضل نمو الوعي عند المؤمنين من مختلف الكنائس والجماعات، لارادة المسيح في أن نكون واحدا، ولدت الحركة المسكونية التي يسعى فيها المؤمنون لاستعادة الوحدة. ولقاؤنا اليوم هو للصلاة على هذه النية، وهذا ما يدعى بالمسكونية الروحية".
وأضاف: "الصلاة هي أساسية في الحركة المسكونية، لأن الوحدة هي عطية من الله للكنيسة، وليست نتيجة المساعي البشرية فقط. فالله هو الذي يلين القلوب بفعل روحه القدوس، من أجل ترميم الشركة بين المؤمنين. والصلاة تنمي المحبة تجاه المسيح، وتوثق الشركة معه. وهذه المحبة المشتركة للمسيح عند المؤمنين من الكنائس كافة هي التي تدفع الى الحوار والوحدة. وفي هذا السياق ورد في الارشاد الرسولي "الكنيسة في الشرق الأوسط" (الصادر في 13/9/12ـ20):" ينبغي، قبل كل شيء، أن يعود الجميع بشكل أقوى الى المسيح نفسه" (عدد 15). فالعودة الى المسيح تجعلنا نكتشف أكثر ارادته في أن نكون واحدا، وأن نعمل ما بوسعنا، أمانة له، لنصل الى هذه الوحدة. ومع الصلاة نحن مدعوون الى التوبة. فالتوبة تحرر من الخطيئة التي تضع الحواجز وتقود الى القسمة ما بين الانسان وأخيه، في داخل الجماعة الواحدة ، وبين الكنائس".
وتابع: "ان لقاء الصلاة اليوم هو تحت عنوان "أعطيني لأشرب" (يو4/7). وهذه الكلمات قالها السيد المسيح في بداية حواره مع السامرية. فالحوار قاد الى التلاقي والتعارف المتبادل بينهما.كذلك، فان الحوار هو أساسي في الحركة المسكونية، وهو يقود الى التعارف المتبادل بين الكنائس. وهذه المعرفة تشمل في الكنيسة الأخرى، تعليمها اللاهوتي، والحياة الروحية فيها، وليتورجيتها، ونظامها السلوكي، وثقافتها. وهذا يجعلنا نكتشف الكثير من العناصر المشتركة والعوامل التي توحد. فللكنائس الانطاكية الكاثوليكية والارثوذكسية في عصور الكنيسة الأولى بطريركية واحدة، وشفعاء مشتركون من القديسين والشهداء، ومنهم مار افرام، مار مارون، ومار يوحنا فم الذهب، ومار باسيليوس، والأربعون شهيدا، وغيرهم، وللسريان تراث آبائي وليتورجي مشترك؛ وكذلك للبيزنطيين. وهذه المعرفة المتبادلة المعمقة توصلنا الى اتفاقات لاهوتية تساعد على تخطي الانقسامات ذات السبب اللاهوتي، ومنها البيانات المشتركة بين الكنائس الكاثوليكية والارثوذكسية، مع البابا بولس السادس ويوحنا بولس الثاني (كاثوليك )، والبطاركة أثيناغوراس الأول (ارثوذكس )، وشنوده الثالث (الأقباط الارثوذكس )، واغناطيوس زكا الأول عيواص (سريان ارثوذكس ) ، والبطريرك كيراكين الاول وآرام الأول (ارمن ارثوذكس ) (راجع الارشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان"، 1997 ، عدد 85)".
وختم معوض عظته بالقول: "نسألك يا رب أن تساعدنا لكي نظل في حوار دائم يقودنا الى مزيد من التعارف المتبادل، والى الاغتناء بعضنا من بعض، والى نمو روابط المحبة الحقة بيننا، فنسير نحو الوحدة التي تريدها منا، ونرفع اليك المجد الآن والى الأبد. آمين".